عمل الكثير من المصممين والفنانين والعلماء على مدار التاريخ على إيجاد طرق ونظريات مختلفة للتعامل مع الألوان.
تكلمت في المقالات السابقة ضمن سلسلة الألوان 101 عن ماهية اللون، وكيف نقوم باختيار الألوان؟ وأيضاً قمت بتوضيح ما هي العوامل التي تؤثر في الألوان؟، ولكن عالم الألوان كبير وهناك الكثير من التفاصيل المختلفة التي تحتاج إلى معرفتها أيضاً.
من بين هذه الأمور هي النماذج والأنظمة اللونية وهي عبارة عن أمور يجب أن تدركها حتى تعرف كيف يتم التعامل مع الألوان ضمن الأجهزة الإلكترونية وأيضاً في المطابع وغيرها من الاستخدامات، لذلك دعونا نبدأ.
وهي عبارة عن مجموعة من الأنظمة التي تستخدم من أجل تحديد وقياس اللون ضمن الأجهزة الالكترونية بشكل خاص، ولكل منها مميزات محددة وتستخدم ضمن حالات معينة، طبعاً بعضها لم يعد مستخدم بشكل كبير حالياً، وبعضها الآخر مستخدم بشكل كبير.
يعتبر من أبسط النماذج اللونية حيث يعبر عن تدرجات اللونين الأبيض والأسود أي درجات الرمادي فقط، يحتوي على 256 درجة لونية للرمادي حيث تكون قيمة 0 هي الأسود و 255 هي الأبيض.
كانت تستخدم سابقاً بشكل كبير من أجل التعبير عن الصور بالأبيض والأسود أي بدون الألوان، كونها تجعل الصورة بحجم صغير نسبياً.
يمتلك هذا النموذج اللوني أيضاً 256 درجة لونية فقط، ولكن هذه الألوان تختلف من صورة لأخرى حسب ما تحتويه من ألوان، ولكن بسبب العدد المحدود من الألوان فإن الصور الناتجة عنه تكون ذات تفاصيل قليلة.
هذا النموذج اللوني كان يستخدم بشكل أساسي مع لاحقة الصور GIF في بداية ظهور الإنترنت، كونه يقدم حجم صغير للصور أيضاً، ولكن في الوقت الحالي لم يعد يستخدم بسبب ظهور نماذج لونية أفضل وتحسن سرعات الإنترنت بشكل كبير.
يعتبر من أهم النماذج اللونية وهو يستخدم ضمن الشاشات كونه يعتمد على الضوء في خلق الألوان، وترمز الحروف للألوان ضمنه حيث يستخدم الألوان الأحمر Red والأخضر Green والأزرق Blue، ولكل لون من الألوان الثلاث قيمة ما بين 0 إلى 255.
يستخدم هذا النموذج اللوني في الوقت الحالي بشكل كبير كونه يستطيع توليد كمية كبيرة من طيف الألوان، وله نسخ مختلفة تسمى المساحات اللونية Color Spaces وهي إصدارات تختلف عن بعضها بكمية الألوان التي تستطيع التعبير عنها فقط، ومن أشهر هذه المساحات اللونة sRGB و Adobe RGB.
يعتبر هذا النموذج شائع الاستخدام أيضاً ولكن ضمن مجال الطباعة، فهو يعتمد على الحبر في توليد اللون لذلك يسمى كنموذج لون طرحي، يعتمد على أربع ألوان بشكل أساسي هي السماوي Cyan، الأرجواني Magenta، الأصفر Yellow، والأسود Black.
كل لون يمتلك قيمة من 0 إلى 100 وعبر دمجها نحصل على الألوان المختلفة، وفي حال إعطاء قيمة 0 لكل الألوان طبعا لا نحصل على أي لون وإنما يصبح لدينا لون الأرضية المستخدم ضمن الطباعة وذلك حسب نوع الورق والذي يكون غالباً اللون الأبيض.
يختلف هذا النموذج اللوني بطريقة التعبير عن الألوان عن النماذج السابقة حيث يحتوي على قنوات ثلاث الأولى هي L والتي تعبر عن Lightness الإضاءة ضمن الصورة، أما قناة A فتعبر عن الألوان بشكل يتراوح ما بين الأخضر والأحمر، أما القناة B فتعبر عن الألوان ما بين الأزرق والأصفر.
حيث يستخدم هذا النموذج في طباعة بعض الأنواع من المنتجات مثل الطباعة على الكؤوس أو القمصان، او بشكل أكبر ضمن التصوير حيث يضمن أن تكون ألوان الصورة أكثر حيوية.
كانت هذه أهم النماذج اللونية المستخدمة في الوقت الحالي، وأما الأنظمة اللونية فهي موضوع مختلف تماماً.
تعتبر الأنظمة اللونية هي عبارة عن طريقة مبتكرة لتفسير الألوان والتفاعلات التي تتم ما بينها، وقد تم وضع العديد من الأنظمة اللونية عبر التاريخ وفق نظريات مختلفة. أهمها.
ويعتبر فهم هذه الأنظمة بشكل عام أمر مهم جداً من أجل مساعدتك في فهم طريقة التعامل مع الألوان بشكل عام، لذلك سأقوم بكتابة نبذة مختصرة حول كل نظام بهدف تعريفك عليه، ولكن إن كنت تريد التعمق بكل نظام بشكل أكبر الأفضل أن تقوم البحث عنه بشكل مفصل حتى تستطيع فهم هذا النظام بشكل كامل.
تم إنشاء هذا النظام بواسطة الكيميائي الألماني Wilhelm Ostwald في عام 1916 ضمن كتاب The Color Primer، والذي قدم ضمنه نظرية الألوان الخاصة به معبراً ضمنها عن العلاقات ما بين الألوان.
حيث تم تقسيم العلاقات ما بين الألوان إلى جزئين، الجزء الأول هو ما يتعلق بـ التدرجات الرمادية اي الألوان ما بين الأبيض والأسود، أما الجزء الثاني تم ضمنه تقسيم الألوان إلى ثماني ألوان اساسية ولكل لون تدرجاته.
واقترح أوستوالد أن شكل توزيع الألوان ضمن هذه النظرية هو ثلاثي الأبعاد، حيث تم الإعتماد على مخروط مزدوج موضوع على قاعدة دائرية، تمثل تدرجات تشبع الألوان بنسب مختلفة.
تم تطوير هذا النظام اللوني في بداية القرن العشرين على يد العالم والفنان Albert Munsell، وكان هذا النظام أول من قام بتجزئة اللون إلى أقسام هي التدرج والقيمة والنقاء.
ومع إعادة النظر إلى الألوان بهذه الطريقة المختلفة، أصبح التعامل مع اللون عبر عجلة الألوان أمر غير منطقي نوعاً ما، لذلك تم التعبير عن التدرجات اللونية المختلفة باستخدام شكل ثلاثي الأبعاد.
بحيث أصبح لدينا محور أساسي للألوان أو يمكننا تسميته شجرة الألوان والتي تمثل تدرجات اللون الرمادي أو الابيض والأسود، يخرج من أطرافها تدرجات الألوان الأساسية المختلفة.
هذا الدليل يعتمد على نظام أوستوالد ويستخدم في نطاق واسع من اجل اختيار الألوان منذ عام 1942، حيث تم إنشاؤه على يد Egbert Jacobson، حيث تم عمل هذا الدليل بناء على طلب شركة Container Corporation of America كأداة تساعد المصممين في اختيار الألوان.
وهو عبارة عن أشكال لونية غير لامعة يتم استخدامها بجانب بعضها البعض من أجل اختبار تناغم الألوان بشكل فعلي.
أو أختصاراً PMS وهو نظام ألوان تم تطويره من قبل Lawrence Herbert عام 1963 وذلك من أجل توحيد الألوان ضمن عملية الطباعة تحديداً، حيث يواجه المصممون الكثير من المشاكل مع المطابع.
هذه المشكلة هي اختلاف الألوان بعد طباعتها عن الألوان المحددة ضمن عملية التصميم، السبب يعود لاختلاف الألوان التي تظهر على الشاشات عن التدرجات اللونية التي تظهر ضمن الطباعة.
لذلك تم إنشاء هذا النظام لمساعدة المصممين بحيث يكون لديهم مراجع لونية توضح درجة اللون بشكل واقعي بعد الطباعة، باستخدام هذه المراجع اللونية يضمن للمصمم ان الالوان التي اختارها أثناء التصميم هي نفسها التي سوف تظهر تماماً ضمن مرحلة الطباعة.
كانت هذه بشكل مختصر أهم النماذج والأنظمة اللونية والتي نعتمد عليها بشكل كبير جداً أثناء التصميم، معرفتك لهذه التفاصيل أمر مهم جداً، فمهما كان التخصص الذي سوف تعمل عليه من تخصصات التصميم، سوف يبقى اللون جزء أساسي ضمن عملك دائماً.
متخصص في تصميم واجهات الاستخدام وتجربة المستخدم، عملت على عشرات مشاريع تصميم التطبيقات والمواقع، وأعمل حالياً كمستشار تصميم تجربة مستخدم ضمن العديد من الشركات التقنية، بالإضافة لعملي كمدير للمنتجات ضمن مشاريع تقنية مختلفة.