تابعني على
alert icon
قريباً إطلاق الموقع بشكل جديد تماما مع محتوى جديد أيضاً
إدارة الشركات
نشر في
2023-01-17

أسباب فشل متجر جملون أول متجر إلكتروني لبيع الكتب العربية

كان خبر تصفية منصة جملون مفاجئ لنا جميعاً خصوصاً انها من أوائل المتاجر العربية

أسباب فشل متجر جملون أول متجر إلكتروني لبيع الكتب العربية

إدارة المشاريع التقنية هي أشبه بلعبة الشطرنج، فأنت كمدير يجب أن تنتبه إلى كل خطوة تقوم بها، ومن الممكن جداً أن تكون متقدم على منافسيك ولكن بسبب خطوة واحدة خطأ، قد تقع في فخ الخسارة.

جملون اسم عربي كبير كنا نأمل أن يصبح منافس لشركات عالمية خصوصاً انه بدأ بوقت مبكر نسبياً ضمن منطقتنا، مما ساعده على كسب لقب أول متجر إلكتروني عربي لبيع الكتب بكل جدارة، ولكن للأسف هذا اللقب لم يدوم طويلاً، فقد أعلن المسؤولون ضمن جملون عن تصفية الشركة بشكل كامل في منتصف 2022، فماذا حصل؟ وكيف وصل جملون إلى هنا؟ وماذا نتعلم من التجربة؟

قصة جملون بإختصار

بدأت فكرة جملون من أجل حل مشكلة توفر الكتب العربية وتقليل تكاليف شحنها في منتصف عام 2010 على يد علاء السلال بشكل بسيط جداً ضمن منزل أهله وبمساعدة عدد من أخوته في الأردن، ثم مالبث أن تم التعاقد مع شركة آرامكس المتخصصة في خدمات الشحن من أجل توصيل الكتب محلياً.

وبعد فترة قام فادي غندور مؤسس آرامكس مع مجموعة من المستثمرين بالاستثمار في جملون بقيمة 400 ألف دولار، وهذا ما فتح الباب من أجل البدء بالتوسع بشكل أكبر مما وسع عمليات المنصة، حتى عام 2015 والتي حصلت فيه على جولة استثمار جديدة بقيمة 2 مليون دولار من ومضة كابيتال، وأخيراً تم إضافة جولة جديد عام 2019 بقيمة 10 مليون دولار.

جميع هذه الاستثمارات سمحت للشركة بالتوسع ونقل المقر للإمارات وفتح مراكز توزيع مختلفة ضمن السعودية والامارات والاردن خصوصاً ان السوق الخليجي كان هو أكبر سوق للمنصة.

وفي نهاية 2019 تم الإعلان أن المنصة تملك 10 مليون عنوان ضمن متجرها وشراكة مع 3000 ناشر عربي و 27000 ناشر أجنبي.

هل يمكن اعتبار جملون ستارت أب

حسناً إذا نظرنا إلى جملون كما كانت فهي عبارة عن منصة لبيع الكتب عبر الإنترنت إذاً هي ليست ستارت أب، ولا يمكن تصنيفها سوى كشركة ناشئة تقليدية، فهي لا تختلف عن أي مكتبة عادية سوى بأن تواجدها هو عبر الإنترنت.

الفكرة نفسها ليست جديدة او ثورية أي أنها لا تواجه مخاطر كبيرة في النمو، بالإضافة إلى وجود مشكلة واضحة في توفر الكتب العربية ضمن جميع الدول العربية وغير العربية، فمن الصعب على أي شخص الوصول إلى الكتب التي يحتاجها ضمن بلده، لذلك فكرة جملون في الأساس لها احتياج حقيقي.

أسباب فشل جملون

هناك مجموعة كبيرة من الأسباب المختلفة التي أجد أنها لها تأثير مباشر في فشل جملون، بعضها تقني وبعضها إداري وبعضها يحتوي على قصر نظر.

سوء الخدمة

رغم تقديم جملون لخدمات شحن الكتب حول العالم بالمجان في بدايتها، وهي فكرة مغرية جداً لأي شخص يرغب في شراء كتاب لأنه لن يدفع سوى ثمن الكتاب نفسه، ولكن الخدمة نفسها كانت سيئة جداً بسبب سوء إدارة العمليات.

فالطلبات كانت تأخذ مدة لا تقل عن 15 - 30 يوم حتى يتم الشحن ولا يمكن الاعتراض ضمن هذه المدة، وكان هناك الكثير من الطلبات التي تستمر لأشهر قبل أن يتم شحنها، وبعضها أيضاً لا يتم شحنه نهائياً أو يتم بشكل جزئي أي يتم الشحن لبعض العناوين فقط، وصفحات الإنترنت مليئة بشكاوي حول هذا الموضوع.

لا يوجد أي تطور

إن كنت من مستخدمي المنصة الأوائل مثلي (أول طلب لي كان عام 2013) سوف تدرك أن المنصة نفسها لم يتم التعديل عليها أو تطويرها نهائياً خلال كل فترة عمل الشركة، صحيح اني قلت أن فكرة الشركة تقليدية، ولكن حتى الشركات التقليدية تحتاج إلى تطوير أدواتها ومنصاتها من أجل تقديم خدمات أفضل والوصول إلى شريحة أكبر من المستخدمين وتلبية احتياجاتهم.

محاولة التوسع بأي طريقة

فخ التوسع تقع فيه الكثير من الشركات الناشئة والتي يكون هدفها هو زيادة المبيعات بأي طريقة كانت حتى لو كانت بشكل غير مدروس أو مضلل، وذلك بهدف إرضاء المستثمرين فقط.

فهناك الكثير من الكلام الذي يشير إلى أن كثير من عناوين الكتب لم تكن موجودة لدى المنصة أساساً، وأن أوزان الكتب لم تكن دقيقة ما سبب في زيادة تكلفة الشحن على المنصة برقم أكبر من قيمة الشحن الحقيقية (طبعاً هذا في الفترة التي أصبحت المنصة تتقاضى كلفة الشحن)، مما سبب لها الخسارة.

هذه المشاكل تنجم عن محاولة التوسع بأي طريقة بدون دراسة واضحة والتأكد من أن قدرة الشركة نفسها على التوسع ممكنة.

عدم الاستفادة من الفرص

وهذه أيضاً من المشاكل التي لم يتكلم عنها أحد، فهل من المعقول أن تستمر منصة لبيع الكتب الورقية بنفس الخدمات ضمن العصر الذي نعيش فيه حالياً؟ ألم يخطر ببال أحد من المؤسسين توفير خدمات أخرى مثل الكتب الإلكترونية، أو ألم يخطر ببال أحد أيضاً توفير خدمة الكتب الصوتية؟ 

هذه الخدمات أصبحت بديهية في هذا الوقت وكما اشرت هذه ليست خدمات ثورية حالياً، ولكن لو تم استغلال الشراكات المتوفرة مع أكثر من 30 ألف ناشر كانت هذه الخدمات سوف توفر توسع كبير وإيرادات هائلة للمنصة بكل سهولة، لك أن تتخيل فقط لو كان هذا متوفراً!

ماذا نتعلم من فشل جملون؟

هناك الكثير من النقاط المستفادة من هذا الدرس، أولها هو أن مؤسس أي شركة أو مبتكر فكرة الشركة ليس دائماً هو أفضل شخص مناسب من أجل إدارة الشركة لاحقاً، فإبتكار الأفكار شيء وإدارتها شيء آخر تماماً.

أيضاً من أكبر الأخطاء هو محاولة التوسع ضمن الشركة بدون التأكد من أن هذا التوسع مطلوب بالفعل ويمكن التعامل معه، أي هل هناك حاجة ضمن السوق لهذا التوسع؟ وهل يمكن للشركة إدارة هذا التوسع على كافة الأقسام مثل العمليات والتقنية وإدارة العلاقة مع العملاء؟

نقطة أخيرة ولكنها مهمة جداً برأي وهي تحديد مدة الربحية ضمن المشروع، فانهيار جملون حصل عندما توقف المستثمرون بضخ المزيد من الأموال في الشركة ما تسبب في إفلاسها، ولكن الشركة كانت تعمل لمدة 11 سنة ولم تستطيع تحقيق الربحية! وهذا خطأ فادح.

هناك الكثير من مؤسسي المشاريع الذين يبدأون بالمشروع بدون وضع خطة واضحة للمدة التي سوف يبدأ المشروع ضمنها بتحقيق الربحية، هذه الجزئية مهمة جداً بالنسبة للمستثمرين، فلا تتوقع أن يستمر المستثمرون بضخ الأمور ضمن مشروع ما مدى الحياة، بالنهاية هم يستثمرون في هذا المشروع حتى يتمكنون في يوم ما من حصد هذا الاستثمار، وهذا يجب أن يتم بإطار زمني منطقي.

في النهاية كنت اتمنى أن لا أكتب هذه المقال خصوصاً أن أول كتاب قمت بشرائه عبر الإنترنت كان عبر جملون، ومازلت أذكر لحظة استلام الكتاب حتى الآن وكيف كان شعوري وقتها، ولكن حصل ما حصل و علينا أن نتعلم من هذه الأخطاء حتى نتمكن في المستقبل من بناء منصات وشركات تستطيع اثبات نفسها وتستمر.

Ahmad Sekmani Avatar
أحمد سكماني

متخصص في تصميم واجهات الاستخدام وتجربة المستخدم، عملت على عشرات مشاريع تصميم التطبيقات والمواقع، وأعمل حالياً كمستشار تصميم تجربة مستخدم ضمن العديد من الشركات التقنية، بالإضافة لعملي كمدير للمنتجات ضمن مشاريع تقنية مختلفة.