يعتبر قانون Miller من القوانين التي يتم تفسيرها بشكل غير دقيق فهناك مغالطة كبير في تفسير هذا القانون وتطبيقه ضمن تجربة المستخدم.
إن كنت مهتم بتجربة المستخدم وقرأت سابقاً عن قوانينها بشكل ما، فمن الممكن جداً أن تكون قد سمعت عن القاعدة التي تقول أنك يجب أن تستخدم سبعة عناصر كحد أقصى ضمن القوائم، لأن هذا العدد هو العدد الذي يستطيع الإنسان تذكره بشكل عام.
هذا الرقم والذي يسمى رقم سبعة السحري أتى من قانون ميلر Miller ولكن للأسف هناك فهم غير دقيق له فالموضوع له أبعاد أخرى وليس بهذه البساطة لذلك يجب أن نناقش القانون بشكل أكبر حتى نستطيع فهمه تماماً.
نشأ قانون Miller من ورقة بحثية قام عالم النفس المعرفي جورج ميلر الاستاذ في جامعة هارفرد بنشرها عام 1956 تحت عنوان "رقم سبعة السحري زائد أو ناقص اثنان: بعض القيود على قدرتنا لمعالجة المعلومات"، والتي لاحظ بها قدرتنا في الحكم المطلق على المعلومات والتعامل معها ضمن الذاكرة القصيرة.
فبحسب الورقة البحثية كانت إمكانية حفظ المعلومات المختلفة في الذاكرة القصيرة والتعامل معها هي بحدود العدد 7 فقط، أي هي قدر الإنسان على التعامل مع المعلومات المختلفة واتخاذ القرار بينها في الوقت الفعلي.
وهذا ما قاد إلى استنتاج أصبح يستخدم على نطاق واسع بأن البشر قادرين على تذكر سبعة أشياء في نفس الوقت بمعدل زائد أو ناقص 2 وذلك بحسب قدرة الشخص التي تختلف من فرد لآخر.
هذا التفسير الخاطئ أصبح منتشر بشكل كبير في وقتنا الحالي، ولكن أثبتت الدراسات أن إمكانية الحفظ ضمن الذاكرة القصيرة لا تتعلق بالرقم سبعة مباشرة ولا يمكن تحديدها برقم ثابت بهذا الشكل.
المشكلة الأساسية مع قانون Miller أنه تم اجتزاءه من الورقة، حيث يستكمل القانون بعض النقاط التي تتعلق بالمواضيع التي يمكن قياسها بهذا القانون والتي تتعلق بأمور مختلفة مثل السياق، والإلمام بالمحتوى، وقدرة الاستيعاب، وأيضاً العمر.
فمثلاً من السهل على معظم الأشخاص أن يقوموا بحفظ سبعة كلمات بسيطة أو سبعة أحرف مجردة، ولكن عندما تصبح هذه المعلومات أكثر تعقيداً سوف يصبح حفظها أصعب وعندها لن يكون الرقم 7 غير دقيق نهائياً.
كما أشرت هناك تفسير خاطئ لهذا القانون في الوقت الحالي، ولعل أكثر مثال مستخدم للقانون Miller هو القاعدة التي تخبرك أن القوائم المنسدلة ضمن مواقع الويب يجب أن تحتوي على سبعة عناصر فقط كحد أقصى وذلك من أجل أن تكون سهلة التذكر، ولكن هذا غير صحيح هناك متاجر الكترونية تضع أكثر من 20 عناصر ضمن قوائمها المنسدلة حالياً مع ذلك سيكون التعامل معها سهل بشكل عام.
مع ذلك هناك أمثلة كثيرة لاستخدام قانون Miller ضمن تجربة المستخدم بشكل صحيح، ومن أبسطها هو طريقة كتابة رقم الهاتف، فمن المتعارف عليه حالياً هو كتابة أرقام الهاتف على شكل مقاطع بهذه الطريقة:
90-536-854-665 بدل جعله كمقطع واحد 90536854665
سرد الأرقام ضمن مقاطع يجعلها أبسط وأسهل للحفظ مقارنة بكونها مقطع واحد، وهذا يؤكد أن عملية التذكر ضمن الذاكرة القصيرة تتعلق بأمور أخرى مثل الصعوبة.
أيضاً نجد استخدام القانون واضح ضمن مواقع الويب فمن الطبيعي أن يصبح تذكر العناصر ضمن موقع ما صعب في حال كانت العناصر كثيرة ومعقدة ومتداخلة مع بعضها البعض، بينما نجد أن المواقع التي تقدم المعلومات بطريقة أبسط وتعقيد أقل، أكثر قابلية للتذكر والاستخدام بشكل عام.
أعتقد أنه الآن أصبح لديك فكرة أفضل حول القانون والمقصود به بشكل كامل، لذلك دعني أقدم لك بعض النصائح التي سوف تساعدك في استخدام القانون ضمن تصميم تجربة المستخدم بشكل أفضل:
حاول دائماً تقسيم المعلومات بشكل أبسط حتى تسهل على المستخدم تذكرها واتخاذ القرار بينها بسهولة، ولا تعتمد على وضع حد أعلى للخيارات مثل سبعة أو تسعة، فبحسب التجارب الفعلية معظم الأشخاص سيتمكنون من أخذ قرار صحيح ما بين 4 عناصر فقط.
سياق سرد المعلومات أمر مهم جداً فعندما تقوم بوضع تفاصيل وخيارات ضمن سياق صحيح، سوف تساعد المستخدم في فهمها وتذكرها بشكل أكبر، وهذا ما سوف يزيد عدد العناصر التي يمكن للمستخدم التعامل معها في نفس الوقت.
من النقاط التي تؤثر إلى حد ما ضمن هذه المعادلة هي عمر المستخدم، فمثلاً كبار أو صغار السن لديهم قدرة أقل لتذكر المعلومات المتعددة والمعقدة، لذلك من المهم إن كنت تصمم منصة تستهدف هذه الفئات أن تراعي هذا ضمن الخيارات المطروحة.
ضمن التصاميم المرئية تعتبر هيكلة المعلومات أمر مهم في تبسيط وتوضيح الخيارات، فمثلاً ضمن المتاجر الالكترونية توضيح اسم المنتج وتمييز السعر بطريقة مختلفة وأيضاً جعل اسم التصنيف مختلف، هذا يعتبر هيكلة أفضل للبيانات ضمن بطاقة المنتج نفسه، وهي نقاط تساعد بشكل كبير في تذكر التفاصيل والمعلومات المختلفة.
قانون Miller من القوانين المهمة جداً من وجهة نظري أثناء تصميم تجربة مستخدم أي منتج، فرغم بساطة الفكرة نفسها ضمن القانون إلا أن لها تأثير كبير ضمن التطبيق العملي، ولكن انتشار التفسير بشكل غير دقيق للقانون كان السبب في ظهور بعض الممارسات غير الصحيحة أثناء عملية التصميم.
لذلك حاول توخي الحذر في هذا الموضوع وذلك عبر مراعاة الجوانب المتعلقة بالسياق والعمر وصعوبة المعلومات التي سيقوم المستخدم بالتعامل معها ضمن التصميم.
متخصص في تصميم واجهات الاستخدام وتجربة المستخدم، عملت على عشرات مشاريع تصميم التطبيقات والمواقع، وأعمل حالياً كمستشار تصميم تجربة مستخدم ضمن العديد من الشركات التقنية، بالإضافة لعملي كمدير للمنتجات ضمن مشاريع تقنية مختلفة.