تابعني على
alert icon
قريباً إطلاق الموقع بشكل جديد تماما مع محتوى جديد أيضاً
تجربة المستخدم
نشر في
2022-11-23

مقاومة تحسين تجربة المستخدم في الشركات العربية

محاولة اقناع مديرك المباشر بإجراء تغيير ضمن تجربة المستخدم لميزة ما في المنتج واحدة من أصعب الأمور التي قد تواجهها في العمل.

مقاومة تحسين تجربة المستخدم في الشركات العربية

بحكم عملي ضمن مجال تصميم واجهات الاستخدام وتجربة المستخدم لعدة سنوات ضمن المنطقة العربية قمت بالإطلاع على عشرات المشاريع المختلفة، وأي مصمم ضمن منطقتنا يعلم مدى صعوبة إقناع أصحاب المشاريع بأهمية تخصيص ميزانية وفريق للعمل على تصميم تجربة المستخدم بشكل صحيح للمشروع.

أساس المشكلة نابع من عدم معرفة أصحاب المشاريع أو المدراء التنفيذيين مدى أهمية تجربة المستخدم لأي المشروع، ومدى الفوائد والإنعكاسات المباشرة وغير المباشرة التي سوف يكتسبها المشروع من تحسين تجربة المستخدم.

هذا يحدث بشكل كبير في المشاريع الجديدة والشركات الناشئة التي مازالت ضمن المراحل الأولية من بناء المنتج، ولكن هناك حالات أخرى مختلفة وهي المشاريع القائمة والتي تحقق أرباح، هنا تكون صعوبة التعامل مع الموقف مضاعفة تماماً، وهذا ما أريد التكلم عنه.

المشكلة الكبرى

خلال السنوات الماضية تعاملت مع أكثر من مشروع قائم لشركات معروفة "بدون ذكر اسماء طبعاً"، بعض هذه الشركات يحسب على شركات الصف الأول لدينا في العالم العربي، المشكلة كانت عند اقتراح إجراء تغييرات على بنية المنتج ضمن الشركة من أجل تحسين تجربة المستخدم جزئياً أو بشكل جذري.

هنا يبدأ الصدام مع الإدارة بشكل مباشر والتي كانت ترفض أي تغيير يحدث حتى لو كان طفيف، لدرجة أن بعض هذه المنصات لم تقم بتغيير يذكر ضمن منتجاتها منذ عشرة أعوام (يا إلهي)، وتعليل هذا الرفض هو سببين، الأول هو أن المنتج يحقق ربحية إذاً فهو ناجح، والثاني أن عملائنا أصبحوا معتادين على هذا التصميم ولا نريد أي تغيير يزعجهم.

مع أن الإجابة على هاتين النقطتين بسيطة جداً، فأنت يمكنك عبر تحسين تجربة المستخدم زيادة الأرباح للمنتج "وهذا أمر أعتقد أن أي مدير يرغب به"، وجواب النقطة الثانية هي عندما يتوفر منتج منافس بتجربة مستخدم أفضل فبكل تأكيد العملاء سوف ينتقلون إليه بدل منتجك.

مع ذلك دائماً ما أسمع تبريرات مختلفة أو ردود غير واضحة، وبالنتيجة يتم رفض المقترح بدون سبب مقنع، ولكن السبب الواضح من وجهة نظري كان هو الخوف من التغيير ومقاومته.

طبعا ليس هدفي من هذه المقال تسليط الضوء فقط على المشكلة، ولكن ما ارغب به هو وضع اقتراحات أجد أنها مناسبة من حكم تجربتي، لعلها تساعد المصممين الآخرين أمثالي الذين يعانون من نفس المشكلة ، وأن أقنع بعض المدراء الذين قد يقرأون هذه المقالة من باب الفضول.

إقناع المدراء لقبول تغييرات تجربة المستخدم

من خلال تجربتي الشخصية حتى تستطيع اقناع شخص مثل مديرك المباشر بإجراء تغييرات في تجربة المستخدم، لا بد أن يكون التغيير واقعي وملموس وأيضاً بسيط، ماذا يعني ذلك؟

واقعي أي أن تكون النقاط التي تحددها للتغيير واقعية، مثلاً تغيير كامل لواجهة أمامية، هذا أمر كبير ستواجه من أجله ممانعة كبيرة لن تتمكن من تغييرها، لذلك حاول أن تكون واقعي بوضع نقاط تغيير بسيطة ضمن بعض الميزات يمكن قبولها بسهولة من المدير.

أما ملموس أي أن تكون نتائج التغيير قابلة للقياس بالنسبة للمدير، بدل أن تقول أن تغيير لون معين سيكون أفضل للمستخدم، قل أن تغيير هذا اللون سيزيد من المستخدمين بنسبة محددة ولتكن 5% مثلاً، عندما يشاهد المدير هذا التغيير لاحقاً سوف يبدأ بالتفكير بطريقة مختلفة.

وأخيراً التغيير البسيط هنا أقصد أن تقوم باستخدام منهجيات لإجراء الاختبارات البسيطة، فكلنا يعلم أن عمل اختبار قابلية الاستخدام قد يكون مكلف من ناحية الوقت والتكلفة، ولكن لو قمت بمثل هذه الاختبارات بطريقة بسيطة جداً "وهناك طرق سوف اشرحها لاحقاً عن هذا الموضوع"، فسيكون نسبة قبول هذا الاختبار من المدير أكبر.

طرق عمل تحسين تجربة المستخدم بشكل تدريجي

لكي تتمكن من تنفيذ استراتيجية التغيير التدريجي لتجربة المستخدم، أقترح استخدام عدة طرق مختلفة يمكن استخدامها معاً أو بشكل متوازي، وذلك بحسب المشروع الذي تعمل عليه واحتياجاتك للتغيير.

المراقبة الخفية

واحدة من أسهل الطرق من أجل إثبات بعض المشاكل الموجودة ضمن المنتج، هي عمل مراقبة للمستخدمين أثناء استخدامهم له، ولكن أنا لا أقصد هنا اختبارات قابلية استخدام وإنما مراقبة عبر أدوات مثل Hotjar.

هناك مجموعة من الأدوات التي تراقب وتسجل سلوك المستخدم أثناء الاستخدام بدون أن يشعر عبر إضافة كود بسيط للمنتج، هذه الأدوات سوف تساعدك من أجل بناء تصور لدى المدير حول المشاكل التي تواجه المنتج بشكل فعلي وبدون الحاجة إلى القيام بأي إجراءات، كل ما عليك فقط وضع هذا الكود ومراقبة وتحليل النتائج.

اختبارات A/B

تعتبر هذه الاختبارات هامة جداً ولها شعبية كبيرة في الاستخدام لدى الشركات الكبرى مثل جوجل وفيس بوك، ولكن لدينا في العالم العربي نادراً ما يتم التكلم عنها للأسف.

سيساعدك إجراء اختبارات A/B بعمل تغييرات مختلفة بسيطة واختبارها على فئة محددة فقط من المستخدمين، مثل هذه الاختبارات المحدودة سيكون قبولها بالنسبة للمدير أسهل نوعاً ما، لأنه لن تؤثر  على عدد كبير من المستخدمين أو على الأرباح العامة ويمكن التراجع عنها في حال لم تثبت نجاحها.

وفي حال استطعت إثبات أن التغيير قد أعطى نتائج جيدة يمكنك عندها تعميم هذا التغيير على نطاق أوسع، المشكلة فقط أنك تحتاج إلى دعم من القسم التقني من أجل مساعدتك في تطبيق هذا الاختبار بشكل جيد وقياس النتائج بطريقة صحيحة.

التغيير اللين

لا تقدم نهائياً تغييرات جذرية على تصاميم منتجات قائمة، لأنك لن تواجه ممانعة من قبل المدراء فقط وإنما قد تواجه ممانعة من المستخدمين أيضاً، فحتى المستخدم لا يرغب في تغيير يجعله محتاج لتعلم استخدام المنتج من جديد بعد أن كان قد ألفه سابقاً.

هذا الخطأ وقعت فيه سناب شات سابقاً عندما قامت بإجراء تغيير شامل على التصميم، ورغم أن التغيير كان أفضل ولكن الكثير من المستخدمين لم يعجبهم هذا التغيير.

حاول استخدام نهج تدريجي بتطبيق التغييرات بحيث تقوم بإضافة جزئيات من التصميم الجديد بشكل تدريجي، هذا يساعد المستخدمين في تقبل هذه التغيرات والتعامل معها بدون مشاكل أو ممانعة، أيضاً يمكنك عبر هذا الأسلوب تلافي أي مشكلة قد تكون غير متوقعة في البداية.

حاول أن تكُن مرن ومحبوب

هذه النقطة لا تتعلق بتقنية أو أداة وإنما بك شخصياً، حتى تتمكن من تطبيق تغيير في تجربة المستخدم ضمن منتج ما، ولمحاولة إدخال ثقافة تحسين تجربة المستخدم على مستوى شركة، يجب أن تمتلك شخصية مرنة ومحبوبة.

قد تقول لي لماذا من المهم أن أكون محبوب أنا هنا من أجل أن أقوم بعملي فقط، الفكرة يا صديقي أن العمل ضمن الشركات يحتاج إلى ما هو أكثر من الخبرة ضمن مجال عملك، إثبات أفكارك بشكل مجرد قد لا يكون كافي لقبول هذه الأفكار وتغيير بعض القناعات لدى الآخرين.

يجب أن تمتلك شخصية مرنة تتقبل الانتقاد وتستطيع الحوار بدون تحويل أي فكرة لجدال وتضارب لوجهات النظر، وكونك شخصية محبوبة سوف يساعدك بشكل كبير في إدارة نقاشات مثمرة تستطيع عبرها إيصال أفكارك بطريقة سلسة دون ممانعة الأطراف في الشركة.

فالقرارات ضمن الشركات غالباً ما يؤثر فيها أطراف مختلفة، مثلاً قد يكون المدير التنفيذي يستمع لرأي رئيس قسم التطوير، والذي بدوره يجب أن يكون أيضاً مقتنع بأهمية تجربة المستخدم وإلا فلن تستطيع تنفيذ شيء.

الموضوع يمتلك جوانب متشعبة ولكن حتى تضمن إجراء تغيير يجب أن تحاول حشد أكبر كمية من التأييد بصفك الموضوع أقرب لإجراء انتخابات، والسياسية الجيدة تكسب في النهاية عبر حشد المؤيدين عبر إقناعهم، وهذا يمكنك عمله عندما تكون مرن ومحبوب داخل الشركة.

الخلاصة

مشاكل ممانعة تغييرات تصميم تجربة المستخدم ضمن الشركات العربية سوف تبقى لفترة طويلة، ولكن هذا لا يعني أننا لا نستطيع التغيير، فكما يمكننا سلوك طرق تدريجية لإقناع المدراء يمكننا عبر التكلم المستمر عن هذه النقطة عمل تغيير تدريجي أيضاً بالقناعات العامة.

وأنا أعتقد أننا سوف نصل ليوم يصبح فيها تصميم تجربة المستخدم جزء أساسي ضمن كل شركة يبحث عنه المدير حتى يتمكن من اتخاذ قراراته حول المنتج.

Ahmad Sekmani Avatar
أحمد سكماني

متخصص في تصميم واجهات الاستخدام وتجربة المستخدم، عملت على عشرات مشاريع تصميم التطبيقات والمواقع، وأعمل حالياً كمستشار تصميم تجربة مستخدم ضمن العديد من الشركات التقنية، بالإضافة لعملي كمدير للمنتجات ضمن مشاريع تقنية مختلفة.